من هي أم المؤمنين الملقبة بـ «أم المساكين»؟
من هي أم المؤمنين الملقبة بـ «أم المساكين»؟
يضمّ تاريخ الإسلام نماذج نسائية عظيمة تركت أثرًا خالدًا في الرحمة والعطاء، ومن أبرزهن أم المؤمنين زينب بنت خزيمة الهلالية رضي الله عنها، التي اشتهرت بلقب «أم المساكين» لما عُرفت به من كرمٍ بالغ، ورحمة واسعة، وعناية خاصة بالفقراء والمحتاجين.
نسبها ونشأتها
هي زينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبد مناف الهلالية، من قبيلة بني هلال، وهي قبيلة عربية معروفة بالشهامة والكرم.
نشأت رضي الله عنها في بيئة تقدّر مكارم الأخلاق، فانعكس ذلك على شخصيتها منذ صغرها، حيث عُرفت بالرقة، وحب الخير، ومساعدة الضعفاء.
سبب تلقيبها بـ «أم المساكين»
لُقّبت زينب بنت خزيمة بـ «أم المساكين» قبل الإسلام وبعده، وذلك لكثرة إطعامها للفقراء، وسعيها الدائم إلى سدّ حاجاتهم، وعدم ردّ محتاجٍ يقصد بابها.
كانت ترى أن إغاثة الفقير عبادة، وأن الرحمة بالمحتاج طريق إلى رضا الله، فغلب هذا الخُلُق على حياتها حتى صار لقبًا ملازمًا لاسمها.
زواجها قبل النبي ﷺ
تزوّجت زينب بنت خزيمة قبل النبي ﷺ من عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب رضي الله عنه، أحد أوائل من أسلموا، وقد استُشهد زوجها في غزوة بدر الكبرى، فكانت من النساء الصابرات المحتسبات، اللواتي قدّمن أزواجهن فداءً للإسلام.
زواجها من النبي ﷺ
بعد استشهاد زوجها، تزوّجها النبي محمد ﷺ في السنة الثالثة للهجرة، وكان زواجه منها تكريمًا لها، وجبرًا لخاطرها، ورعايةً لأمرها بعد أن أصبحت أرملة شهيد.
وبذلك أصبحت أمًّا من أمهات المؤمنين، لها مكانتها العظيمة ومنزلتها الرفيعة في الإسلام.
حياتها في بيت النبوة
لم تمكث زينب بنت خزيمة رضي الله عنها طويلًا في بيت النبي ﷺ، إذ تُوفيت بعد زواجها منه بنحو ثمانية أشهر فقط، لكنها خلال تلك الفترة القصيرة ضربت أروع الأمثلة في الزهد، والعبادة، والإنفاق في سبيل الله.
كانت مثالًا للمرأة المؤمنة الرحيمة، ولم تغيّرها مكانتها الجديدة، بل بقيت على تواضعها وقربها من الفقراء والمساكين.
وفاتها رضي الله عنها
توفيت زينب بنت خزيمة رضي الله عنها في السنة الرابعة للهجرة، فكانت أول زوجات النبي ﷺ وفاةً بعد السيدة خديجة رضي الله عنها.
صلى عليها رسول الله ﷺ بنفسه، ودُفنت في مقبرة البقيع بالمدينة المنورة، في موضع يضم عددًا من كبار الصحابة وأمهات المؤمنين.
مكانتها ودروس من سيرتها
تحمل سيرة أم المؤمنين زينب بنت خزيمة رضي الله عنها دروسًا عظيمة، من أبرزها:
- أن الرحمة بالفقراء سبب لرفعة المنزلة عند الله
- أن العطاء ليس بكثرة المال بل بصدق القلب
- أن المرأة المسلمة لها دور أساسي في التكافل الاجتماعي
- أن الشهرة الحقيقية هي في الخير والعمل الصالح
الفرق بينها وبين زينب بنت جحش
يخلط البعض بين زينب بنت خزيمة وزينب بنت جحش رضي الله عنهما، والفرق أن:
- زينب بنت خزيمة هي الملقبة بـ «أم المساكين»
- زينب بنت جحش اشتهرت بكثرة الصدقة والعمل بيدها، لكنها ليست صاحبة هذا اللقب
تبقى أم المؤمنين زينب بنت خزيمة رضي الله عنها نموذجًا خالدًا للرحمة والعطاء، وسيرةً عطرة تُذكّر المسلمين بأن القرب من الله يكون بخدمة الضعفاء، وبأن أعظم الألقاب هي تلك التي يمنحها العمل الصالح.
رضي الله عنها وأرضاها، وجعلنا ممن يقتدون بسيرتها الطيبة.
تعليقات
إرسال تعليق